رسالة التقريب - العدد ٣١ الوحدة الإسلامية محمّد علي آذرشب 1422
الافتتاحية انعقد في مطلع شهر صفر بطهران المؤتمر الدولي لدعم الانتفاضة الفلسطينية، وكان فرصة عظيمة هامّة لاجتماع ممثلين عن كل الفصائل الفلسطينية وعن معظم مجالس الشورى في العالم الاسلامي. إن مبادرة مجلس الشورى في الجمهورية الاسلامية الايرانية لعقد هذا المؤتمر تأتي في الوقت المناسب تماما، لانها تشكل خير ردٍّ على كل الذين يحاولون بثّ اليأس في القلوب من نتائج هذه الانتفاضة المباركة، ويسعون الى إخماد لهيبها على الساحة الجهادية وعلى الساحة الاعلامية. افتتح المؤتمر بكلمة هامة للعبد الصالح الامام الخامنئي تلتها كلمة السيد الخاتمي رئيس الجمهورية. وفي هذه الافتتاحية نقف عند بعض مقاطع كلمة السيد القائد وخاصة فيما يرتبط بالتقريب. ١ - إن القضية الفلسطينية قضية إسلامية تهمّ كل المسلمين بل كل أحرار العالم الذين يناصرون الحقّ في كل مكان، ويدافعون عن الانسان المظلوم على ظهر الارض. وأفظع ما منيت به القضية الفلسطينية هو حصرها في الاطار - - - - - [٧] - - - - - القومي والاقليمي. ٢ - إن فلسطين لا يمكن أن تتحرر إلاّ إذا عُبّئت طاقات العالم الاسلامي على قاعدة من الجهاد الاسلامي، عندئذ يتحقق النصر على أساس من الايمان بنصر اللّه سبحانه، وعلى أساس من آلاف التجارب القديمة والمعاصرة التي أثبتت أن النصر حليف المسلمين إن وثقوا بوعد اللّه تعالى وجاهدوا في سبيله، وليست انتصارات المقاومة الاسلامية المؤمنة في جنوب لبنان عنا ببعيدة. ٣ - إن كل ما حققه المسلمون في تاريخهم من انتصارات، وخاصة في مواجهة الغزو الخارجي إنما يعود الى التزامهم بالسنن الحسنة وعلى رأسها التضامن الاسلامي، فقد كان المجاهدون يهبّون من كل أرجاء العالم الاسلامي كلما نزل بـإخوانهم خطب للدفاع عن الاسلام والمسلمين. ولابدّ للمسلمين اليوم إن أرادوا استعادة شوكتهم أن يعودوا الى تلك السنن الحسنة. ٤ - إن العالم الاسلامي في بداية التسعينات أصيب باحباط وخيبة وتشتت وتمزق بعد الاحداث الفادحة التي ألمت بالمنطقة، لكن انتصار المقاومة الاسلامية في جنوب لبنان أعاد الامل الى النفوس، وجعل الامة أمام نموذج واضح مجرَّب للمقاومة والانتصار. وخلق بين المسلمين وحدة هم بأمس الحاجة اليها أمام التحديات الراهنة. ٥ - مسيرة الاستسلام في أوسلو أدت الى تشتيت الصف الفلسطيني ولكن الانتفاضة استطاعت أن تعيد الوحدة الوطنية الى الساحة الفلسطينية، وأصبحت كل الفئات الاسلامية والوطنية متكاتفة في هذا النضال المصيري. ٦ - إن الشعب الفلسطيني يندفع اليوم بروح إسلامية للدفاع عن كرامة المسلمين، وعلى كل المسلمين أن يقفوا صفا واحدا في الاستجابة لهذا النداء، ولابدّ من إفهام اسرائيل بأن اعتداءاتها على الشعب الفسطيني سيواجِه من كل العرب والمسلمين ردا جادا عمليا وبكل شدة. - - - - - [٨] - - - - - ٧ - إن وحدة الصف الفلسطيني بفصائله المختلفة مسألة أساسية، وكلّ مامن شأنه أن يثير الخلاف، وانحراف المسير ويؤدى الى عدم التوجّه الى العدّو الاصلي فهو خيانة بالقضية. واليوم فان كل التيارات الاصيلة والحركات الجهادية والمجموعات المناضلة على اختلاف اتجاهاتها وانتماءاتها قد حالت - والحمد للّه - دون تحقيق مآرب العدوّ في تمزيق الصفوف، بصبر ثوري، ولابدّ أن تستمر هذه الحالة. ٨ - اتضح الآن بجلاء أن الذين كانوا يرون القضية الفلسطينية قضية مرحلية واقليمية محدودة بقسم صغير من العالم الاسلامي هم على خطأ تام، فالاسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل التي تخزنها إسرائيل في ترساناتها المرتبطة بالترسانة العسكرية الامريكية قد أعدت للسيطرة على العالم الاسلامي وخاصة على منطقة الشرق الاوسط. ٩ - إن سهام الاعداء قد اتخذت اليوم من إيران الاسلام غرضا بسبب مواقفها من القضية الفلسطينية. ومحور هذه السهام السامة، شق الصف الاسلامي في إيران تحت مسميات مختلفة، لكن الايمان الديني والروح النضالية لدى الشعب الايراني ومسؤوليه سيحول دون تحقق مآرب الاعداء باذن اللّه تعالى. ١٠ - إيمان الامة الاسلامية بعودة فلسطين الى ربوع العالم الاسلامي وعودة القدس الشريف الى السيادة الاسلامية الكاملة وتطهير أرض الاسراء والمعراج من رجس الصهاينة أمل يوحّد المسلمين ويجمع كلمتهم ويعبّئ طاقاتهم على ساحة البناء والجهاد والتعاون والتعاضد. لقد كان من الضروري أن نقف عند هذه النقاط العشر لمالها من علاقة بوحدة المسلمين ورصّ صفوفهم، ونبذ أي لون من ألوان التفرقة بينهم… لكنّ الحديث عن مؤتمر الانتفاضة من منطلق التقريب له أهميته الكبرى. وقد نوّه المشاركون في تعليقاتهم ومقابلاتهم بعد عودتهم من طهران الى أنّ هذا - - - - - [٩] - - - - - المؤتمر جمع لأوّل مرّة كلّ الفصائل التي مزّقتها المواقف المتباينة. والواقع أن الانتفاضة استطاعت أن تجمع كلمة العالم الاسلامي من المحيط الى المحيط، فلماذا لا تجمع الفصائل التي تحمل عناوين «الثورة» و «التحرير» و «الجهاد» على الساحة الفلسطينية؟ ! والمشاهَد في خطاب المشاركين بالمؤتمر إجماعهم على ضرورة استمرار الانتفاضة باعتبارها حقا من حقوق الشعب الفلسطيني للدفاع عن نفسه وهويته وأرضه ومقدساته، وعلى ضرورة دعمها. كما كان ثمة إجماع على أن مفاوضات مايسمى «بالسلام» ليست سوى استدراج صهيوني - أمريكي للقضاء على كل مقاومة للشعب الفلسطيني، ولتهيئة الاجواء اللازمة لتحقيق الاطماع التوسعيّة العنصرية للصهاينة، وليست هناك أية نية جادّة لدى الطرف الامريكي والصهيوني لاحلال سلام حقيقي مشرّف، والادلة على ذلك تشكل قائمة طويلة يعرفها الشارع الفلسطيني جيدا، فكيف لا يعرفها المسؤولون؟ ! وهذا القدر من الاتفاق يشكل منطلقا هاما لتغيير مسار الحركة الفلسطينية نحو تحقيق النصر والعزّة والتحرير باذن اللّه تعالى.