banner
مساحة «للتعارف» بين الإیرانيين و العرب
المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية
  کلمات   جمل   تعليقات      

العلامة المطهري / في آرائه الفلسفية والعقائدية
ثقافتنا - العدد 6
شخصيات
السيد حسن النوري
1426


«ملخّص»
العلامة مطهري صاحب مدرسة فكرية فلسفية ذات معالم هامّة، منها السعي للدفاع عن الفكر الفلسفي أمام من يشككون في ارتباطه بالاسلام وأمام من يرفضه لأسباب عديدة، وربط الفكر الفلسفي بالحياة وبالواقع المعاش، وإشاعة الفكر والعقيدة بين مختلف أوساط الناس. وله إبداعات كثيرة في مجال المنهج والموضوع على الساحة العقائدية والمفاهيم الفلسفية.

ساحة الفلسفة والعقيدة أعقد ساحة فكرية لكل مفكر، والدخول إلى هذه الساحة في فرصة قصيرة صعب وعسير. ولكن مالا يدرك كله لا يترك كله، ولهذا أدخل إلى ساحة علم المطهري في فلسفته وعقيدته معترفاً بالصعوبة والتعقيد، ولكن الأمل يدفعني في أن أوضح بعض الشيء فيما يتعلق بمنهجه وبحوثه في الفلسفة والعقيدة.
ومنهجي كالتالي:
مقدمة وتمهيد للحديث عن إبداعاته بشكل موجز في مجالي الفلسفة والعقيدة، ثم أتحدث عن منهج المطهري في العقيدة، وأدخل بعد ذلك إلى بحث التوحيد والنبوة والإمامة والمعاد، ثم ملحق لبحثه في علم الكلام، ثم أتحدث عن فلسفته ومنهجه وبحوثه في الجامعة عن الفلسفة. ثم أختم الحديث بموجز عن إبداعاته في مجالي الفلسفة والعقيدة وعن مصادر بحوثه وثقافته.
الفيلسوف والايديولوجي الكبير المطهَّري استطاع أن يفهم بعمق، ويعرض أيضاً بنفس العمق فلسفة كاملة تضمنت مسائلها التراث الفلسفي القديم والنتاج الفلسفي الحديث، وقد تنوعت فلسفته لتشمل ليس فقط الكليات والمفاهيم العامة بل لتترشح إلى مسائل لم تكن الفلسفة لتدرسها.
واستطاع المطهري أيضاً ابتكار طرق عديدة لتقريب الدارسين من الفلسفة، ذلك الحصن العصي على الادراك، فمرة يدرس نصوصاً قديمة، وأخرى يشرح ويناقش نصوصاً حديثة، وثالثة يتحدث بلغة جديدة عن مسائل الفلسفة. وكان عرضه للفلسفة منهجياً غير مشوش يسير بشكل مرتب وطبيعي مستفيداً من المنهج المقارن ومن ضرب الأمثلة والشواهد.
وكان يهيء الأذهان للاقتناع بما يتحلى به من أخلاق علمية، فهو متواضع لا يستحي من أن يجاهر بعدم اطلاعه على بعض المسائل وكان يستمع لكل إشكال أو سؤال …
وكان مبدعاً في خلق موضوعات جديدة مكثراً من مطالعة الكتب والدراسات المتعلقة بموضوعه، استطاع لطول باعه في الفلسفة وإحاطته بها أن يعرض المنهج العقلي الذي يستخدمه الفلاسفة والمناطقة الصوريون بشكل قوي واضح مبيناً الردود الموجهة إليه، مجيباً عن بعضها، وعرض بحوثاً جديدة حول موانع المعرفة، وأهمها الدوافع نحو المادية، أشرف على رسائل جامعية عديدة في الفلسفة، وساهم في كتابه مناهج جامعية في علم الكلام والعرفان، والفلسفة والمنطق، وغيرها. ولم يستطع غيره أن يضاهيه في عرض الحكمة المتعالية التي توفق بين المناهج الفلسفية والعرفانية..
لم يدخل في جزئيات البحوث العقائدية لتجنب الخلاف، واعتمد المنهج المقبول لدى جميع المسلمين في البحوث المختلف فيها، كبحث الإمامة وكان مبدعاً في ربط البحوث الفلسفية والعقائدية بحياة الناس، وقد جدد في عرضه وبحثه لمسائل عقائدية متروكة مغفول عنها كفلسفة الحياة وهدفها، والإنسان والايديولوجية، وعلاقة الايديولوجية بالمعرفة والفلسفة، وقد تجنب تأويل الآيات قدر الإمكان، طرح الفلسفة والعقيدة طرحاً مترابطاً شاملاً غير مفكك.
وقد كان أستاذاً بارعاً لأعقد كتاب فلسفي هو «الأسفار الأربعة» وشرح المنظومة على مستويين بسيط ومفصل، وكتب حواشي هامة وشروحاً على كتاب أصول الفلسفة.
استطاع أن يفهم بدقة مالم يفهمه بعض معاصري هيغل من كلماته وبحوثه، نقد المادية بمدارسها المتعددة وعلى رأسها المادية الديالكتيكية، ولن نتعرض هنا إلى إبداعاته في المجالات العلمية الأخرى.

مناهجه في الفلسفة والعقيدة:
درس المطهَّري المناهج بعناية ودقة، وعرضها في كتبه المفصلة المبسطة، وناقش الأسس التي تعتمدها مناهج البحث الفلسفي والعقائدي، فهناك الأسس المنطقية للدليل الاستقرائي والاستنباطي القياسي، وقد تعرّض إلى الإشكالات على الأسس المنطقية وردها، وأثبت صحة الاستدلال بالمنطق وضرورته لكل عملية معرفية واستدلالية.
وقد جمع بين المناهج الأربعة في بحثه: المنهج الإشراقي والمشائي والكلامي والعرفاني. ونستطيع أن نقول أنه اعتمد نفس المنهج التكاملي التوفيقي الذي سار عليه أستاذ الفلاسفة صدر الدين الشيرازي.
وفيما يلي نتعرّض إلى لمحة عن تاريخ المنهج وضرورته وأقسامه، ثم نعرج على الإشكالات والردود على علم المنطق والتي تهدف إلى اسقاط كل العمليات الاستدلالية وبالتالي كل معرفة.
عرّف علماؤنا المنهج من غير أن يفردوه بالدرس والبحث، وذلك حين يذكرون تعريف العلم وتحديد موضوعه وهدفه ورتبته بين العلوم والمبادئ التصورية التي تعين على شرح المسائل وتعريفها، والمبادئ التصديقية التي تمد عملية الاستدلال بعناصرها المشتركة.
أليس المنهج هو الطرق التي يعتمدها البحث، والأسلوب الذي ينظم الدراسة ويبني عليه الاستنتاج.. وهذه الطريقة والأسلوب هما نفس ما ذكرناه، والدراسة من غير منهج إنّما هي مجموعة مسائل ومعارف مشوشة غير مترابطة، وقد تتناقض نتائج هذه الدراسة، وعند مقارنة الدراسات المنهجية كالرسائل الجامعية بالدراسات غير المنهجية ككثير من الكتب التي تملأ مكتباتنا اليوم نعرف قيمة المنهج.
وليست مسألة المنهج مسألة انتقائية، بل الضرورة قاضية بأن لكل علم منهجاً خاصاً به، فليس بإمكاننا أن نجرب اليوم إن كان نابليون موجوداً حقيقاً أو أسطورياً، لأن التاريخ لا يقبل التجربة، كما لا يصح إثبات العقل وقوة الفكر بالتشريح لأن العقل والفكر ليس مادياً. وهكذا لا يصح أن ننتقي المنهج حسب رغباتنا بل المنهج مسألة موضوعية علينا أن نعرفها وندقق في تطبيقها.
وكثير من المذاهب والمدارس الفكرية إنما أخطأت لأنها لم تصل إلى المنهج الصحيح، فمن يقول بالتجسيم اعتمد في العقيدة منهج الظاهر، والنص غير قطعي الدلالة، في حين أن المسألة عقلية ومنهجها عقلي.. وكذلك من يرى أن التاريخ يتحرك آلياً من غير اختيار للإنسان في حركته اعتمد منهجاً خاطئاً في استنتاج هذه المسألة.. والمثاليون على أقسامهم اعتمدوا منهجاً غير صحيح للوصول إلى المثالية.
ويوضح المطهَّري أن القرآن الكريم يرشد العقل إلى ضوابط التفكير السليم ويعرّف الفكر على أسباب الوقوع في الخطأ وهي:
1ـ الاعتماد على الظن: (ولا تقف ماليس لك به علم(.
2- اتباع الأهواء والميول: (إن يتبعون إلاّ الظن وما تهوى الأنفس(.
3- العجلة والتسرع في الاستنتاج والحكم.
4- عدم الجرأة على مخالفة المألوف والموروث وإن كان باطلاً: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ( (البقرة:170) .
5- التعصب.
6- عدم الحفاظ على حالة الحياد.

المناهج العقائدية:
ويقسمها العلماء ومنهم الشهيد مطهَّري إلى المناهج العقلية والمناهج النقلية السماعية.
وتستخدم المناهج العقلية لمعرفة كبريات العقائد وأمهاتها، وإذا ذكر معها المنهج النقلي فهو للإرشاد والتدعيم والاستشهاد لا للمعرفة والاستنباط، لأن حجية هذه المناهج النقلية لم تثبت بعد.
فالتوحيد والنبوة وبعض مسائل المعاد لا يصح الإيمان بها عن طريق القرآن أو السنّة مالم تثبت بعد وجود الله ونبوة النبي، أمّا المناهج السماعية فيشترط أن تكون قطعية، وإنما يصح الاستدلال بها لأن المفروض ثبوت النبوة فهي متفرعة على النبوة مثل مسائل الإمامة وكثير من مسائل المعاد تثبت عن طريق الوحي الإلهي والحديث القطعي.
ولم يعلم هؤلاء أن مطالعة نظام الخلقة تعتبر الخطوة الأولى لا الأخيرة! فإن أقصى مانصل إليه بهذه الخطوة هو الحد الفاصل بين الطبيعة وما وراء الطبيعة لا أكثر.
وقد ذكرنا في هوامش الجزء الخامس من كتاب «أصول الفلسفة والمذهب الواقعي» طرقاً مختلفة للإيمان بالله تعالى، ومنها طريق الحس والعلم، بمعنى أننا قيّمنا أسلوب دراسة الطبيعة وبيّنا حدده وأثبتنا أنه:
أولاً: إن الباب مفتوح لتحصيل المعارف الإلهية ومعارف ماوراء الطبيعة بالأسلوب العلمي البرهاني المتقن.
وثانياً: إن الناس مكلفون إسلامياً – أو على الأقل مسموح لهم بمعرفة حقائق ماوراء الطبيعة كما يتعرفون على المعلومات التحقيقية والاستدلالية والبرهانية لا التقليدية.
وثالثاً: إن طريق الحس والعلم أو طريق الطبيعة طريق يوصلنا إلى الحد الفاصل بين الطبيعة وما وراءها. فلا توصل الإنسان من الطبيعة إلى الألوهية أو كما يقول الفلاسفة (من الخلق إلى الحق)، بل تنتهي عند حدود الطبيعة، بمعنى أنها تثبت فقط أن للطبيعة شيئاً خارجاً عنها يسخرها . أمّا مسألة كون ذلك الخالق مخلوقاً ومسخراً لغيره أم لا؟ وإذا لم يكن هناك شيء وراءه فهل هو بسيط أومركب؟ وهل هو واحد أو كثير؟ وهل يتناهى علمه وقدرته أم لا؟ وهل ينتهي فيضه أم لا؟ وهل إن الإنسان مجبور أم حر؟ كل هذه التساؤلات وعشرات الأسئلة أمثالها لا يمكن لطريق دراسة الطبيعة لوحده أن يجيب عنها.
ويشير مطهَّري هنا إلى مسألة هامة أهمية بالغة وهي أن الاختلاف المذهبي في الفقه والمسائل الكلامية لم يصل إلى درجة تنسف قاعدة الوحدة، فالمسائل المشتركة والمتفق عليها أكثر من مسائل الخلاف، والاختلاف الفكري في المجتمعات مع وحدة هذه المجتمعات لابد أن يقع، وحين يكون منشأ الخلاف هو المنهج فسوف تتحرك الأفكار وتنمو وتنضج، بخلاف ما لو كان منشأ الخلاف هو الأمراض النفسية والميول والتعصب.
ويشير المطهَّري إلى الأشاعرة وإصرارهم على الاعتماد على المنهج النقلي، وأن هناك أشاعرة محدثين ويقول:
ومما يؤسف له أن نشاهد اليوم بعضاً من الكتّاب العرب قد وقعوا تحت تأثير الفلسفة الحسية الأوروبية من جهة وتأثير السوابق الأشعرية من جهة أخرى فراحوا يروّجون لنوع من الجمود الفكري واللاأدرية في الإلهيات، وهو يعبر عن شكل من أشكال الترابط بين المسلك الأشعري والفلسفة الحسية.
وقد حاول هؤلاء أن يغلقوا باب المعارف بعنوان أن ماوراء الطبيعة عالم مجهول وغير معروف للإنسان، وخارج عن طاقة العقل والتفكير، ونحن غير مكلفين شرعاً بورود هذا الوادي المجهول. وتخيلوا أن الحد الأعلى لفهم الالهيات أن نطالع النظام الكوني ثم نعض على أصابعنا من الحيرة والدهشة، وهذا هو الحد الأكثر من الإيمان بالله. فتكفي مطالعة دورة كاملة من التاريخ الطبيعي لمعرفة كل المسائل الإلهية، فكتب أمثال «موريس مترلنك» تعتبر «دراسة إلهية كاملة»!!

المنهج العقلي:
وقد استخدم هذا المنهج لاثبات وجود الله ووحدانيته، ونذكر هنا ثلاثة براهين اعتمدت هذا المنهج:
1ـ البرهان الأرسطي ويسمى برهان المحرك الأول. 2- البرهان السينوي (السينائي). 3- برهان الصديقين لصدر الدين الشيرازي.

المنهج العلمي:
ويمكن الاستفادة لاثبات بعض المسائل المتقدمة عن طريق استخدام الدليل العلمي الاستقرائي وله صور ثلاث:
1- دليل النظام. 2- دليل الهداية. 3- دليل الحدوث.

دليل النظام:
ويعتمد دليل النظام على مشاهدة النظم في المسرح الكوني والخلقة، ويعتبر المطهَّري أن أقوى عمل للفكر هو التوصل من هذا الدليل إلى وجود الله ووحدانيته، حيث ينتقل الذهن من المرحلة الحسية حين يشاهد الآثار إلى المرحلة العقلية من غير أن يشعر بعملية الانتقال والحركة من مرحلة إلى مرحلة، فنحن نؤمن بأن مؤلف كتاب جواهر الكلام (44 جزءاً) عالم وفقيه، ونعرف أن سعدي شاعر وذواقه، وابن سينا فيلسوف وطبيب من خلال الآثار والمؤلفات. وأكثر معلوماتنا ليست حسية مباشرة أي سطحية، وليست منطقية تجريبية مباشرة، وإنما هي ناتجة من قراءة الآثار والآيات.. وبهذه النتيجة يلتقي المطهَّري مع الصدر في اتحاد طريق العلم والإيمان.

دليل الهداية:
وفقرات هذا الدليل ومنهجيته بالشكل التالي:
1ـ قدرة المخلوقات الحية على الانسجام مع المحيط والتغير المناسب.
2- تقسيم العمل وانتخاب الوظيفة.
3- الابتكار في تجديد أو تعويض الأجزاء المفقودة.
4- اكتشاف الحاجات من غير تربية وتعليم.

الدليل الفطري:
ويشير المطهري إلى الدليل الفطري متوسعاً فيه، ويقصد منه الفطرة القلبية التي تميل بذاتها إلى خالقها، مثل ميل الولد إلى أمه، وقد فصل البحث عن الفطرة والفطريات في كتابه الفطرة، كما شرح كيفية استخدام هذا الدليل في كتاب أصول الفلسفة الجزء الخامس، ويرى الشهيد أن الإنسان مفطور على غرائز ومعارف أما الغرائز فهي:
حب المعرفة أنتجت كل المعارف بما فيها الفلسفة.
حب الجمال أنتجت الفنون.
حب الخلق أنتجت علم الأخلاق.
حب الابتكار أنتجت كل الاكتشافات والاختراعات
حب التقديس والعبادة وهي التي تنتج التدين واللجوء إلى الله
ويشير المطهري هنا إلى أن المعرفة الفطرية بالله أطلقت في استعمالات العلماء على معنيين: الفطرة الإدراكية والفطرة الإحساسية.
الفطرة الإدراكية هي القول بأن الدين، أو التوحيد على وجه الخصوص، من حيث الإدراك الفكري، أمر فطري عند الإنسان. إنه فكرة يتقبلها عقل الإنسان بالفطرة، أي لا حاجة لقبولها إلى التربية والتعليم في المدرسة. إن كل ما نصفه بأنه إدراك فطري نعني به كل مالا يحتاج إلى دليل أو برهان، لأنه بدهية أولية، أو إنه من القضايا التي إذا احتجنا فيها إلى دليل نجد الدليل عليه معه. هذا هو الإدراك الفطري، وهو ذو علاقة بعالم الفكر والإدراك العقلي.
الضرب الثاني من الفطرة هو الفطرة الإحساسية، أو فطرة الأحاسيس، وهي التوجه نحو الله والدين بالمشاعر والأحاسيس الفطرية. فمرة نقول: إن الإنسان يدرك الله بالفطرة، ومرة نقول: إن الإنسان بفطرته يميل إلى الله.
ويشير المطهري إلى أن الفطرة عندأفلاطون وكانْت يقصد منها أن النفس تملك معلومات فطرية بالفعل. بينما يؤكد المطهري أن النفس الإنسانية لا تملك مثل هذه المعلومات فعلاً، وإنما تملكها على مستوى الاستعداد والقوة والقابلية.. ويذكر مطهري أن الفطرة تعني الخلقة والإبداع. والأمور الفطرية على قسمين الميول، الدوافع الفطرية والمعارف الفطرية. تقسم الميول والدوافع على قسمين جسدية وروحية.
وغرائز الحيوانات إنما هي للحفاظ على النوع، بينما في الإنسان انتخابية غير قهرية، وهذه الغرائز المعنوية هي الغرائز الخمس المتقدمة، أمّا العلوم الفطرية فهي أصول التفكير وبديهياته التي يدركها الذهن ويجزم بها من غير أن يحتاج إلى برهان، بل يكفيه تصور الموضوع فيها والمحمول، كما نقول الكل أعظم من الجزء.

برهان الصديقين:
سمي هذا البرهان ببرهان الصديقين لأنه لم يستخدم الطريق المعهود في الاستدلال فهو خاص بالبعض.
وهو برهان لم يعتمد أي واسطة لاثبات وجود الله: (هوالأول والآخر والظاهر والباطن(.(شهد الله أنه لاإله إلاّهو والملائكة وأولوا العلم( (أينماتولوا فثم وجه الله(.
وعلي(ع) يقول: «كل ظاهر غير الله باطن وكل باطن الله غير ظاهر، لا بحجيه البطون عن الظهور، ولا يقطعه الظهور عن البطون، الظاهر لا يقال مما، والباطن لا يقال فيما».
ثم يتحول إلى الفلسفة فيقول الحكمة المتعالية تثبت أن منشأ الظهور والبطون واحد وهو الفعلية الكاملة غير المتناهية للوجود الإلهي قال السبزواري:
يا من هو اختفى لفرط نوره
جمالـــك في كـــل الحقائق سائــر
الظاهر الباطن في ظهوره
وليـــس له إلاّ جلالــــــك ساتر
وقد سئل ابن الجنيد عن الدليل على وجود الله فقال أغنى الصباح عن المصباح.
إن الله سبحانه عندما يقول: (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق( يقول ابن سينا: هذا حكم لقوم،أما قوله سبحانه: (ألم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد( فهو حكم للصديقين الذين يستشهدون به لا عليه(2).
ويعلق مطهري على هذا البرهان بأنه بديع ومبتكر.

صورة البرهان:
اعتمد البرهان على إثبات مطلق الوجود فقسّمه إلىواجب وممكن، والممكن يحتاج إلىمرجح والدور والتسلسل في العلل والأسباب مستحيلان.
الصورة الثانية لبرهان الصديقين: وهو البرهان الذي ذكره صدر الدين الشيرازي ويعتمد هذا البرهان على عدة مقدمات:
1ـ أصالة الوجود فالموجود أساساً هو الوجود لا الماهية.
2- الوجود واحد لا يتكثر بكثرة تباينيه، بل الاختلاف في الوجود اختلاف في درجاته ومراتبه كالشدة والضعف والكمال والنقص.
أو أن الاختلاف بامتدادات الوجود كالوجود والعدم، فالكثرة هنا توأم الوحدة.
3- حقيقة الوجود تطرد العدم وحقيقة العدم تحديد الموجودات لا أن الوجود يقبل العدم، فالعدم نسبي.
4- حقيقة الوجود تساوي الكمال بما هو وجود وتساوي الغنى والإطلاق والعقلية الشديدة والعظمة والجلال اللامتناهي.
5- سريان العدم إلى الوجود يأتي عن طريق المعلولية، وهذه مسألة طبيعية بسبب التأخر، لأن المعلولية تعني التعلق والربط بالعلة فلا يمكن أن ترقى إلى مرتبة العلة.

برهان الحدوث:
يعتد إثبات التغير في العالم وإثبات أن كل متغير حادث يستنتج من المقدمتين أن العالم حادث وكل حادث لابد له من محدث.
والعلوم الحديثة اليوم تثبت بكل وضوح هذه المسألة وهي حدوث العالم عن طريق قوانين الديناميكيا الحرارية، ولهذا حاول بعض الديالكتيكيين الرد على هذا الاستنتاج بأن هذه القوانين لم تجرب إلا ضمن مجال محدود فلا يمكن الانتهاء من خلالها إلى نتيجة كلية تعم العالم كله، ولكن العلماء ردوا على هذا التشكيك بأن القانون العلمي يكفي فيه هذا القدر الموجود من الاستقراء، ولا يشترط فيه الاستقراء الكامل، وإلا تحول نوع الدليل من الاستقراء إلى الاستنباط، ولما استطعنا الوصول إلى أي قانون. فنحن لم نجرب كل حديد العالم لنجد أنه يتمدد بالحرارة، ويقول العالمان روبرت م اغروس وجورج ن ستانسيو في كتابهما العلم في منظوره الجديد ص 64- 65: «يبدو إذن أن المادة ليست أزلية بالرغم من كل شيء». كما يعلن عالم الفيزياء الفلكية جوزف سلك
(Joseph Silk) إنّ «بداية الزمن أمر لا مناص منه». كما يخلص الفلكي روبرت جاسترو (Robert Jastrow) إلى أن «سلسلة الحوادث التي أدت إلى ظهور الإنسان بدأت فجأة وبعنف في لحظة محددة من الزمن، وفي ومضة ضوء وطاقة».
الفيزيــائي إدمونــد ويتيكر (Edmund Whittaker) يعتقد كذلك. فهو يقول: «ليس هناك ما يدعو إلى أن نفترض أن المادة والطاقة كانتا موجودتين قبل الانفجار العظيم وأنه حدث بينهما تفاعل فجائي. فما الذي يميز تلك اللحظة عن غيرها من اللحظات في الأزلية؟ والأبسط أن نفترض خلقاً من العدم، أي إبداع الإرادة الإلهية للكون من العدم». وينتهي الفيزيائي إدوارد ميلن (Edward Milne) ، بعد تفكره في الكون المتمدد، إلى هذه النتيجة: «أما العلة الأولى للكون في سباق التمدد فأمر إضافتها متروك للقارئ. ولكن الصورة التي لدينا لا تكتمل من غير الله».
أما النظرة العلمية الجديدة فترى أن الكون بمجموعة – بما في ذلك المادة والطاقة والمكان والزمان – حدث وقع في وقت واحد وكانت له بداية محددة. ولكن لابد من أن شيئاً ما كان موجوداً على الدوام، لأنه إذا لم يوجد أي شيء من قبل على الإطلاق فلا شيء يمكن أن يوجد الآن. فالعدم لا ينتج عنه إلا العدم. والكون المادي لا يمكن أن يكون ذلك الشيء الذي كان موجوداً على الدوام لأنه كان للمادة بداية. وتاريخ هذه البداية يرجع إلى ماقبل 12 إلى 20 مليار سنة. ومعنى ذلك أن أي شيء وجد دائماً هو شيء غير مادي. ويبدو أن الحقيقة غير المادية الوحيدة هي العقل (انظر الفصل الثاني) فإذا كان العقل هو الشيء الذي وجد دائماً فلابد من أن تكون المادة من خلق عقل أزلي الوجود. وهذا يشير إلى وجود كائن عاقل وأزلي خلق كل الأشياء. وهذا الكائن هو الذي نعنيه بعبارة «الله».
ويرى المطهري في الموازنة بين الأدلة والمناهج العقائدية العقلية والعلمية والفطرية أن طريق الفطرة والقلب هو من الناحية الفردية والشخصية أكمل الطرق، فهو أفضل وأكثر لذة وتأثيراً، ولكن لا يمكن طرحه بشكل علمي، فيظل شخصياً لا ينقل عن طريق التعليم العام.
والطريق الحسي العلمي أبسط وأوضح وأكثر قبولاً فهو من هذه النواحي أفضل الطرق ولا يحتاج سلوك هذا الطريق إلى قلب صاف وإحساسات رفيعة، ولا إلى عقل مجرد واستدلالي ناضج بالأصول البرهانية.. ولكن هذا الطريق يوصلنا إلى أولى المراحل والمنازل، فهو يفهمنا أن الطبيعة مسخرة لقوة فوق الطبيعة، وهذا المقدار لا يكفي لمعرفة الله. فهو يفهمنا أن هناك قوة خلقت الكون تتصف بالحياة، والعلم والحكمة، أما أن هذه القوة هل هي واجبة الوجود ليس لها صانع؟ فالعلوم التجريبية والحسية عاجزة عن نفي أو إثبات هذا الموضوع، ومع ذلك الاحتمال لابد من إثبات أن تلك القوة صانعة غير مصنوعة وهذا بنفسه استدلال فلسفي.
ثم مسألة التوحيد لابد من الاعتقاد بها، ولا يكفي إثبات أن تلك القوة واجبة الوجود مدبرة وحكيمة، ثم هناك مسألة كون هذه القوة خير محض مطلق، وكمال مطلق، ووجود مبرأ من كل إضافة (وجود صرف)، وله المثل الأعلى، عالمة بكل شيء، قادرة على كل شيء، صفاتها عين ذاتها، ومسائل عديدة أخرى، هذه المسائل كلها تشكل هيكل معرفتنا عن الله .ومع ترك البحث في هذه المسائل والتفكير فيها يتحول الخالق سبحانه إلى فرضية مجهولة تعترضها آلاف المشكلات المستعصية على الحل.
ومعرفة الله وما يرتبط بهذه المعرفة لابد فيها من سلوك طريق الفلسفة والعقل.
إن دليل النظم والهداية مع أنه يولِّد الجزم والقطع ولكنه من ناحية منطقية لا يقطع الطريق أمام احتمال الصدفة والاتفاق، ولو كان رقم الاحتمال 1 من عدد لا يحصيه ذهننا، ولكن الفلاسفة يهيؤون مقدمات للبرهنة هي ضرورية ودائمة وكلية لا يسرى إليها أي احتمال للخلاف أو الخطأ.
القرآن الكريم يعبر عن الآثار والمخلوقات بالآيات وهي تؤدي وظيفة التذكير فمطالعة الآثار وسيلة للتنبيه وإيقاظ الفطرة أي إن مطالعة الآثار مؤيدة لطريق الفطرة، فالهدف ليس الاستدلال والاستنتاج بل التنبيه والتذكير ثم إن القرآن الكريم لم يختر السكوت حول تلك المسائل، فهل القرآن ذكرها من غير هدف ولأجل إثارة الحيرة؟! وهل يطالبنا الله بالتقليد والتعبد فيها مع أنها عقلية كما فعل المسيحيون مع التثليث؟! والقرآن يأمرنا بالتدبر: (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها( (محمد/24)
(كتاب أنزلناه إليك ليدبّروا آياته وليتذكّر أولوا الألباب( (ص/29) بل هناك مسائل استدل عليها القرآن بالمنهج العقلي: (لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا( (الانبياء/22).

التوحيد:
وينقسم إلى التوحيد الى التوحيد الذاتي أي أن ذات الله واحدة ولا شريك له:
الصفاتي أي أن صفاته عين ذاته.
والافعالي أي لا استقلالية لأي فاعل غير الله.
العبادي لا أحد يستحق الطاعة والعبادة غيره.
براهين التوحيد الذاتي:
البرهان الأول: إثبات التوحيد عن طريق وحدة العالم، ويتألف من المقدمات الأربع التالية:
1ـ وحدة العالم واقعية وطبيعية.
2- لا يوجد غير هذا العالم.
3- المعلوم الواحد لا يصدر إلا عن علة واحدة.
4- واجب الوجود واجب من جميع الجهات والحيثيات.
البرهان الثاني: وهو برهان صدر الدين الشيرازي.
كل محدودية في الوجود ثابتة من الخارج أي من انضمام العدم، ومن كونه معلولاً ومتأخراً عن العلة، وبما أن الله وجود محض فهو لا ثاني له.
صرف الشيء لا يتثنى ولا يتكرر، فالإنسان إنما يتكرر بواسطة المادة أو الزمان أو المكان..
البرهان الثالث: برهان التمانع (لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا(.
ويرد مطهري على التصور السطحي لهذا البرهان، إذ إنه لا يعتمد على تضاد الرغبات والإرادات، بل يعتمد على أن الممكن لن يصدر من إرادات متعدّدة حتى مع توافق الإرادات وانسجام الرغبات مادامت متعددة، فلابد لصدور الممكن من إرادة واحدة.
البرهان الرابع: لو كان هناك إلهان فلابد من وجود الامتياز بينهما والمائز، وهذا المائز يأتي من إله ثالث، وهذا يمتاز عنهما، وهكذا يحتاج إلى علة للمائز إذن، ووجود التعدد يستلزم اللانهائية في الآلهة.
البرهان الخامس: شواهد الاله الثاني غير موجودة: «يا بني لو كان لربك شريك لأتتك رسله..».

النبوة:
هناك ارتباط بين الاعتقاد والنبوة وبين التصور والمفهوم الكوني عن العالم الذي يعتقد بالهداية العامة في جميع أنحاء الوجود. وأرقى درجات الوحي هي التي تكون للأنبياء لضمان وصول البشر إلى غاياتهم وتحقيق القانون الذي له ضمان إلهي، ويترك الوحي أثراً عظيماً على حامل الوحي أي النبي ويطوره لصالح البشرية ويعمل بنظرة واقعية ويمنحه جزماً وتصميماً.
خصوصيات النبي: العصمة، الإعجاز، القيادة، إخلاص النية، البناء، الصراع والجهاد مع الجهل والشرك والظلم.

الجانب البشري:
الأنبياء كالبشر في الأكل والنوم والمشي والتوالد، والوحي يجعل الأنبياء نموذجاً للإنسان الكامل وأسوة للآخرين ولا يخرجهم عن بشريتهم.
ويرى المطهري أن دور الأنبياء التاريخي يتمثل في:
1ـ التربية والتعليم قبل حصول التكامل الاجتماعي لدى الإنسان.
2- تحكيم المواثيق والعهود: يقول «ويل ديورانت» في كتابه دروس من التاريخ: إن الدين بالاستمداد من شعائره قد جعل المواثيق البشرية بصورة علاقات مقدسة بين الله والإنسان وأوجد الثبات والاستحكام عن هذا الطريق.
3- التحرر من القيود الاجتماعية الضارة.
هدف الأنبياء:
1_ معرفة الله: ( يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً(.
2- إقامة العدل (ولقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط(.
النبوة الخاتمة:
جعل ختم النبوات بنبوة الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم لأن البشرية وصلت إلى مستوى فكري واجتماعي متكامل ولهذا استطاع البشر أن:
1ـ يحافظوا على القرآن بعيداً عن التحريف.
2- تلقوا المنهج الرباني دفعة واحدة لا مرحلة مرحلة.
3- قام البشر بأنفسهم لا الأنبياء فقط بإقامة الدين والدعوة إليه والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
4- نضج الإنسان في عصر ختم النبوة فكرياً، واستطاع تفسير الوحي بالاجتهاد.. بهذا التفسير للخاتمية لم تلغ النبوة ووظيفتها ودورها. نعم زالت الحاجة إلى نبوة جديدة ووحي جديد.

المعجزة ودورها في إثبات النبوة:
المعجزة ترجع إلى الدلالة العقلية حسب تقسيم علماء المنطق للدلالات.
ولا يكفي لإثبات النبوة أن يكون كلام الأنبياء ودعوتهم ورسالتهم موافقة للمنطق والعقل بل لابد من الإتيان بآية كما يعبر القرآن.. وكثير من الناس قد يكون كلامه موافقاً للمنطق والعقل ولكن هذا لا يصحح أن نقول أنه نبي أو ولي لله بل لابد من دليل على ذلك والدليل هو المعجزة، إذن لا يستغني المتلقي عن المعجزة، وفي هذا رد على إقبال اللاهوري في تصوره أن المعجزة ترتبط بمرحلة طفولة البشر، وعن طريق ما قاله المطهري نستطيع التفريق بين رسالة النبي وبين ما نفترض من وجود رسالة أخرى صحيحة أيضاً لكنها ليست لنبي، والفرق هو أن رسالة النبي يمكن في كل العصور إثباتها بالدليل، وليس الدليل منطقية الرسالة وصحة ما فيها، فإن الرسالة الثانية صحيحة حسب الفرض، بل الدليل هو المعجزة، ولا تستطيع الرسالة الثانية إثبات انتسابها إلى الله لعدم وجود المعجزة، وهناك تصوران عن كيفية دلالة المعجزة:
الأول: كونها دالة على صدق صاحبها كدلالة أوراق اعتماد المبعوثين والسفراء مثلاً هذه الأيام من غير أن تكشف عن كمال في شخصية النبي.
الثاني: كونها دالة على درجة عظيمة من الإيمان والإخلاص والكمال بحيث يستطيع صاحبها الاتصال بعالم الواقع والأسباب الحقيقية، ولهذا نجد في القرآن الكريم إشارات إلى أن النبي عيسى (ع) كان ينسب عمل إحياء الموتى إلى نفسه لكن بإذن الله، مما يدل على أن له دوراً ما في التأثير..
والفرق بين التصورين، مع أن كليهما يدل على صدق النبي في نبوته، أن الثاني يظهر كمالاً في شخصية النبي دون الأول، والمطهري يثبت أن النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) كانت له معاجز غير القرآن الكريم وله حديث واسع حول وجود إعجاز القرآن.
مصادر بحث المعجزة عند المطهري:
1ـ كتاب معرفة القرآن الجزء الثاني.
2- كتاب الوحي والنبوة.
3- كتاب العدل الإلهي.
من جملة مختصات الأنبياء العصمة، والعصمة تعني الصيانة من الذنب والخطأ. أي أن الأنبياء لا يقعون تحت تأثير أهوائهم النفسية، ولا يرتكبون ذنباً، ولا يخطأون في أعمالهم . وتجنبهم هذا للأخطاء والذنوب يضفي عليهم أسمى مرتبة من قابلية الاعتماد. والآن لنر كيف تكون هذه الصيانة:
الاحتمال الأول: أن هذه الصيانة تكون عن طريق غيبي، وذلك بقوّة غيبيّة تكفّهم عن المعصية إن همّوا بها.
الاحتمال الثاني: أنهم مخلوقون من طينة خاصة لايصدر عنها معصية.
الاحتمال الثالث: أن هذه الصيانة معلولة لنوع من نظرتهم ودرجة يقينهم وإيمانهم. وبالطبع فإن الاحتمال الثالث هو الصحيح. ونلقي الضوء على كيفية حصول الصيانة من الذنب والصيانة من الخطأ لدى المعصومين.
الصيانة من الذنب: الإنسان موجود مختار ويختار أعماله على أساس المنافع والمضار والمصالح والمفاسد التي يميزها، لذا فإن للتمييز الدور المهم في اختيار الأفعال. ومن المستحيل أن يختار الإنسان شيئاً عديم الفائدة، أو أنه ضار من جهة أخرى بناء على تمييزه، فمثلاً إن الإنسان العاقل الذي يهوى الحياة لا يرمي نفسه من الجبل عالماً، ولا يتجرع السم القاتل.
إن الأشخاص يختلفون من ناحية الإيمان والانتباه إلىآثار الذنوب، فكلما كان إيمانهم أقوى وانتباههم إلى آثار الذنوب أكثر كان اجتنابهم الذنب أكثر وارتكابهم أقل. وإذا كانت درجة الإيمان تصل إلى حد الشهود والعيان، أي إلى الحد الذي يتصور الإنسان فيه نفسه حين ارتكاب الذنب أنه كالشخص الذي يريد أن يرمي نفسه من الجبل أو أن يتجرع السم القاتل، فاحتمال اختيار الذنب هنا يصل إلى الصفر. أي أنه لا يتجه نحو الذنب أبداً. ومثل هذه الحالة نسميها العصمة . فالعصمة من الذنب ناتجة من كمال الإيمان وصلابة التقوى، ولا ضرورة لوجود قوة خارجة تصده عن الذنب جبراً من أجل وصوله إلى حد «الصيانة» و«العصمة» من الذنب، أو أن يكون الشخص المعصوم بحكم جبلته وطينته مسلوب القدرة. فإذا كان الإنسان لا يتمكن من ارتكاب الذنب أو أن قوة تصده عن الذنب دائماً، فعدم ارتكابه للذنب لا يعتبر له كمالاً، لأنه يشبه الشخص السجين الذي لا يتمكن من المخالفة، وعدم مخالفة مثل هذا الشخص لا يمكن أن تضعه في سجل الصدق والأمانة.
أما الصيانة من الخطأ: فهي وليدة نوع من نظرة الأنبياء أيضاً. فالخطأ يحدث دائماً حين يواجه الإنسان واقعاً عن طريق الحس الباطني أو الخارجي، ويكوّن له عدداً من الصور في ذهنه، ويقوم بتحليلها وتركيبها بقوة عقله، ويتصرف فيها بصور مختلفة، فيخطأ أحياناً في مطابقة الصور الذهنية مع الواقع الخارجي، وفي ترتيب تلك الصور. ولكن عندما يواجه الإنسان مباشرة واقعاً عينياً عن طريق حس خاص، ويكون إدراك الواقع هو نفس الاتصال بالواقع، لا صورة ذهنية عن الاتصال بالواقع، فلا معنى للخطأ والاشتباه بعد ذلك.
والأنبياء الالهيون لهم اتصال بواقع الوجود في باطنهم، فلا يفترض الخطأ في نص الواقع. فمثلاً لو وضعنا مائة حبة من عقد «سبحة» في إناء، ثم مائة حبة أخرى ونعيد هذا العمل مائة مرة فمن الممكن أن يخطأ ذهننا ويتصور أن هذا العمل تم لتسع وتسعين مرة أو مائة مرة ومرة، ولكن من المستحيل أن يخطأ الواقع نفسه، وبالنظر إلى كون العملية قد تكررت مائة مرة فيكون مجموع الحبات أكثر أو أقل، فالأشخاص الذين يكونون في نص مجرى الواقع من حيث الوعي، ويتصلون بأصل الوجود وجذره والحوادث ويكونون وحدة واحدة سيعصمون من كل أنواع الأخطاء ويصانون(3) .

الإمامة:
تعريفها: رئاسة عامة في أمور الدنيا والدين.
لماذا اعتبرناها من أصول الدين. هناك مقاييس ثلاثة لمعرفة أصول الدين:
1ـ ماكان شرطاً للإسلام وعلى هذا المقياس فليس ثمة شيء من أصول الدين إلا التوحيد والنبوة، فهما مفاد لا إله إلا الله، محمد رسول الله ومن قالهما أصبح مسلماً، ثم إن الشهدة الثانية خاصة بالنبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) مع أن الإسلام لا يتحقق إلا بالإيمان بالنبوة العامة لكافة الأنبياء(ص).
2- أصول الدين هي الأمور الإيمانية والاعتقادية لا الأمور العملية ويرد على هذا المقياس أن الإيمان بالملائكة من الأمور الاعتقادية الواجبة كما صرح القرآن الكريم.
3- ما كان مميزاً للرؤية الخاصة نحو الإسلام وما كان من الأصول التي يجب الإيمان بها واعتقادها، فالتوحيد والنبوة والمعاد من أصول الدين حيث يجب إسلامياً الاعتقاد بها. ومن أهداف الإسلام حصول الإيمان بها لدى الناس.
أما أصل العدل فهو مميز لمذهب الإمامية.
أما الإمامة ففيها – كما يرى الشيعة – كلا الملاكين.
لأنها من الأمور التي يجب الاعتقاد بها وماجاء الإسلام للهداية إليه، وهي من مشخصات رؤية الشيعة نحو الإسلام.
وعلى هذا فالمقياس الصحيح هو الثالث، وعليه فلا يكون الإيمان بالملائكة من أصول الدين لأنه من لوازم الإيمان لا من أهداف الاسلام، والإمامة لا تدخل في الأمور الإيمانية عندما ننظر إلى جانبها الاجتماعي والسياسي، لكن الجانب الآخر في الإمامة، وهو الأهم، هو الجانب المعنوي، أي الاعتقاد بأن الإمام حجة الله وخليفته وهو المشرف على الشريعة وتطبيق الناس لها، بناء على هذا الجانب تدخل الإمامة في الأمور الإيمانية.

مراتب الإمامة:
1ـ بيان الأحكام الشرعية. 2- قيادة الأمة. 3- الولاية.
ثم يبحث الشهيد مطهري الإمامة في القرآن وفي السنة وعلى ضوء العقل، فهذه ثلاثة بحوث مترتبة:
1ـ الإمامة في القرآن ويذكر الآيات التالية:
(إنما وليكم الله ورسوله والذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون( (المائدة/ 55).
ويعلق على الآية بالملاحظات الآتية:
أ- سورة المائدة آخر سورة نزلت على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
ب – الآية تتحدث عن حادثة خاصة ذكرها المفسرون، وهي تصدّق علي (ع) بخاتمه وهو يصلّي.
2- (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلّغت رسالته( والآية في سورة المائدة / آية 67 ، وهي آخر سورة نزلت على النبي ومفاد هذه الآية نفس مفاد الحديث القائل: «من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية».
ماهو الشيء الهام الذي تريد الآية بيانه خصوصاً أن هذه الآيات نزلت في آخر أيام النبي، ويعني هذا أن الرسول بعد 23 سنة من الجهاد والدعوة لا يكون مبلغاً للرسالة إذا لم يبلغ هذا الأمر الهام، ثم ورد في سورة المائدة أيضاً: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً(، بل ورد مقطع قرآني متصل بالآية السابقة يقول: (اليوم يئس الكفار من دينكم( فهل هذا اليوم هو يوم البعثة أو فتح مكة أويوم قراءة سورة براءة في منى؟ كل هذا مردود لعدم وجود دليل على هذا التفسير ولآن القرائن التاريخية والقرائن السياقية في الآية تشير إلى يوم الغدير. ويذكر المطهري أن الآية الكريمة: (وأنذر عشيرتك الأقربين( عندما نزلت دعا النبي عشيرته، وأولم لهم وقال فيما قال: أيكم يؤمن بي ويؤازرني على هذا الأمر ويكون خليفتي ووصيي عليكم..» حتى قال أبولهب لأبي طالب: أمرك أن تسمع لابنك وتطيع!! وقد ذكر ابن هشام في سيرته قصة يوم الإنذار.
ويذكر الشهيد أيضاً آية التطهير والآيات التي تتحدث عن إمامة إبراهيم خليل الرحمن.
الإمامة في السنّة: ويتعرض المطهري إلى حديث الثقلين الذي ورد في حدود مائتي كتاب من مصادر أهل السنة، ويستنتج منه عصمة أهل البيت، ويقول لا تنافي بينه وبين حديث «إني تارك فيكم كتاب الله وسنتي» لأن الأئمة هم الناقلون للسنّة، وإنما لم يعمل الشيعة بالقياس في استنباط الحكم لأن السنّة مستمرة عندهم بالأئمة، بمعنى أن الإمامة تقوم بدور بيان الأحكام، ويتعرض إلى حديث الغدير ودلالته المستفادة من نفس النص ومن القرائن التي وقعت فيها الحادثة. ويتعرض إلى حديث سلموا على علي بإمرة المؤمنين. وكذلك حديث المنزلة: «يا علي أنت مني بمنزلة هارون من موسى».
الإمامة على ضوء العقل: استدل المطهري بالدليل العقلي على الإمامة مستفيداً من منهج نصير الدين الطوسي في «تجريد الاعتقاد» الذي يعتبر أهم كتاب كلامي شرحه علماء الفريقين كالعلامة الحلي والقوشنجي .
والدليل كما يلي: الإمامة لطف بمعنى أن الله سبحانه يقرب العباد إلى الهداية ولا يتم الدين ولا يكمل مالم يبين النبي عن الله من هو الإمام من بعده، لأن هذا الدين كامل شامل لكل شؤون الحياة ولم يتهيأ للنبي فرصة تربية الأمة بالشكل الكامل لانشغاله بالحروب ومواجهة الأعداء في خارج المجتمع الإسلامي وفي داخله، ويمكن مراجعة كتاب «بحث حول الولاية» لمعرفة ذلك.
والنبي لم يترك أية فرصة ممكنة لتربية الأمة إلاّ واستثمرها، ولكن بيان تمام أحكام الإسلام ومفاهيمه لكل الأفراد ليس ميسوراً للنبي، فهل يبقى الدين ناقصاً. اللطف الإلهي يقتضي إتمام هذه المسيرة الربانية بتعيين الأئمة، يقول علي (ع) مستنكراً: «أم أنزل الله ديناً ناقصاً» حتى يأتي هذا وذاك لإكماله بالقياس وبالآراء الشخصية.
إذن يتفق المسلمون جميعاً على أن النبي لم يبين كل الأحكام ولو بشكل عام وكلي، لانشغاله بما هو أهم وهو الحفاظ على الرسالة الجديدة من المؤامرات والمخاطر الخارجية والداخلية، ولهذا نجد أن من أدلة الأحكام عند أهل السنة أو عند بعضهم القياس، وهذا يعني أن كثيراً من المسائل لم تصلنا أحكامها.. وهل بعث الرسول إلا الهداية الناس وبيان الشريعة لهم؟! ولهذا نقول أن النبي عيّن من بعده من يقوم بالمهمة.. ويقول علي مكرراً: سلوني عن كل شيء في الإسلام وأنا أجيب. والإمام هو الخبير العالم بشؤون الدين واللطف الإلهي يقتضي تعيين هذا الإمام.
وما دامت الإمامة بهذه الخطورة فلابد أن يكون الإمام معصوماً لا يقع منه الخطأ، لأن الإمام يكمل دور النبي ويسير على خطاه وأهدافه، فيتصف بصفاته باستثناء مادل الدليل على استثنائه كالوحي وبعض الأحكام.
وبما أن الإمام معصوم فلابد من تعيينه والإشارة إليه لان تعيين المعصوم ليس بمقدور البشر، وكما تحتاج النبوة إلى دليل ومعجزة كذلك الإمامة تحتاج إلى تعيين، مع فارق أن النبوة لا يبينها غير الإعجاز، بينما الإمامة توضحها النبوة وتثبتها، ولم يدّعِ أحد من المسلمين أن العصمة والنص ثابتان لشخص من الصحابة غير علي، بمعنى أن الشيعة تقول باختصاصهما بعلي ولم يقل أهل السنة بأنهما خاصين بشخص آخر.
خلاصة هذا البرهان الانتقال من معرفتنا باللطف الإلهي إلى مسألة الإمامة وتعيينها ثم إلى العصمة ثم إلى النص.

المعاد:
تحدث الشهيد المطهري عن المعاد معتبراً إياه من أصول وأساسيات التصور التوحيدي ومن أصول الدين التي يلزم الاعتقاد بها، والقرآن الكريم قسّم الحياة إلى قسمين هما الدنيا والآخرة، وبالرجوع إلى القرآن ننتهي إلى نتيجتين:
الأولى: أن حياة الإنسان بل مسيرة الكون تنقسم بمجموعها على مرحلتين أو «يومين»، المرحلة الأولى الفانية (مرحلة الحياة الدنيا)، والمرحلة الأخرى الخالدة (مرحلة الحياة الأخروية)، وورد في القرآن تعبير «الأولى» و«الآخرة» ليعبر عن الحياتين الدنيوية والأخروية. (وإنّ لنا للآخرة والأولى( (الليل/ 13) (وللآخرة خير لك من الأولى( (الضحى/ 4).
الثانية: إن سعادتنا في هذه الحياة المعاشة، وفي الحياة الآخرة المحجوبة عنا تكمن في الإيمان بالحياة الأخرى، وهذا الايمان يوفر لنا السعادة في هذه الدنيا لأن هذا الإيمان ينبّهنا على نتائج أعمالنا، ويُفهمنا أن أعمالنا وأقوالنا صغيرها وكبيرها لها، مثل مالنا، يومان: يوم أول ويوم آخر، أي إنها لا تنعدم ولا تنتهي في الحياة الدنيا، بل تبقى لتحتسب في الميزان في اليوم الآخر. من هنا فإن هذا الإيمان يحثنا على أن نكون خيّرين في أعمالنا ونوايانا، وأن نبتعد عن أفعال السوء، أي يحثنا على أن نطوي باستمرار طريق فعل الخيرات، كما أن الإيمان بالحياة الأخرى يوفر لنا السعادة أيضاً في تلك الحياة الأخروية لأن أعمالنا في هذه الدنيا سوف تكون – كما سنبيّن ذلك – أساس سعادتنا وشقائنا في تلك الحياة.
من هنا أكد القرآن الكريم على أن الإيمان باليوم الآخر أمر ضروري ولازم لسعادة البشر.

مصدر الإيمان بالحياة الأخرى
المصدر الأول والأساس في الإيمان بالحياة الخالدة والحياة الأخرى هو الوحي الإلهي المنقول إلى البشر عن طريق الأنبياء.
بعد أن يؤمن الإنسان بالله وبرسله وبما أنزل الله على رسله عن طريق الوحي فإنه يؤمن أيضاً بيوم القيامة والحياة الخالدة باعتباره أصلاً دعا إليه الأنبياء بعد أصل التوحيد.
من هنا فإيمان الفرد بالحياة الأخرى يتوقف أولاً على درجة إيمانه بأصل النبوة وبصدق أقوال الأنبياء، ويتوقف ثانياً على مستوى معلومات الفرد وعلى صحة تصوره في أمر المعاد والعالم الآخر، ومدى ابتعاد هذه التصورات عن الأوهام والتخيلات الساذجة.
إضافة إلى طريق الوحي الذي بشربه الأنبياء، ثمة طرق أخرى، أو علائم وقرائن أخرى للإيمان بالمعاد. وهذه الطرق حصيلة الجهود الفكرية والعقلية والعلمية البشرية وهي – على الأقل – تأييد لصحة أحاديث الأنبياء بشأن المعاد والعالم الآخر. هذه الطرق عبارة عن:
1ـ طريق معرفة الله. 2- طريق معرفة العالم. 3- طريق معرفة الروح والنفس الإنسانية. (4) .
من خلال بحث مطهري في المعاد ننتهي إلى مايلي:
لا ينحصر الدليل على المعاد بالدليل النقلي بل يمكن الرجوع إلى الفلسفة لإثبات تجرد النفس وعلاقتها بالبدن، ومعرفة العالم ورتبته بالنسبة إلى الوجود، ومعرفة الله سبحانه. وبعد معرفة هذه الأمور يبرهن على المعاد، وقد نُقل عن سقراط قولـه عندما قرروا قتله: «كل شيء يظهر من ضده» الموت والحياة، الوجود والعدم، مشمولان أيضاً بهذه القاعدة الكلية، وبهذا الدليل، فلابد أن توجد بعد الموت حياة أخرى، وإلا لانتقضت القاعدة العامة للطبيعة (5) .
ويقول المولوي: الفاكهة الحلوة تختفي بين الأغصان والأوراق، والحياة الخالدة تحت الموت(6) .
ويحلق المطهري في تحليل الموت وتفريقه عن الوفاة وكونه مرحلة من المراحل التي يمر بها الإنسان لتتوسع الحياة له.
الخوف من الموت لا يوجد إلا عند الإنسان دون سائر الحيوانات، وهو وليد الرغبة والميل إلى الخلود، وهذه الرغبة والميل دليل على أننا سوف نخلد ولسنا كالأزهار والنباتات، والرغبة في الخلود تجلٍ لواقعنا الخالد الذي فطرنا عليه وهو الخلود.
والموت ليس عدماً وإنما هو تطور وتحول من نشأة إلى أخرى، فهو عدم نسبي أي عدم بالنسبة لنشأة معينة، وهو في نفس الوقت تحول إلى نشأة ثانية.
بالموت لا يفقد الإنسان إلا حالة خاصة من حالات وجوده فكما يتحول التراب إلى نبات، وكما تكون للإنسان رحم يقضي فيها أيام وجوده الأولى، كذلك الحياة فإنها رحم للروح. والاستعدادات الروحية للإنسان من بساطة وتجرد، ورفض للتجزئة والثبات النسبي للأنا الإنسانية، والآمال العريضة غير المنتهية، والأفكار الممتدة اللامتناهية كلها خلقت للتناسب مع حياة أوسع وأطول وأعرض من حياتنا الدنيا. قال الله تعالى:(أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون( (المؤمنون/ 115)، والمطهري يقول إن الدنيا مدرسة الانسان يتهيأ من خلالها للكمال، قال الله تعالى:
(الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً( (الملك/ 4)، وعندما يتحدث مطهري عن الجزاء الأخروي يعتبره تجسماً لأعمال الإنسان، والجزاء الأخروي يتّحد مع أعمال الانسان وهو عينها بشكل آخر:(ووجدوا ما عملوا حاضراً ولا يظلم ربك أحداً( (الكهف/49)، (واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ثم توفّى كل نفس ماكسبت وهم لا يُظلمون( (البقرة/ 281) (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدّمت لغد واتقوا الله((الحشر/18).
الشهيد المطهري بحث في بعض مايحدث في الآخرة كالشفاعة وأجاب عن ردود الرافضين لها. فصّل كل ذلك في كتابه العدل الإلهي(7) .

خلاصة لمنهجية المطهري في كتابه علم الكلام
تعريف علم الكلام: هو علم العقيدة الإسلامية أو علم أصول الدين أو علم التوحيد والصفات.
متى بدأ البحث في علم الكلام؟ ليس هناك رأي دقيق وواضح حول هذه المسألة، ولكن من الواضح أن القرآن الكريم دفع المسلمين نحو التفكير في الأمور العقائدية بما أمر به من التدبر والتفكير وبما طرحه من مفاهيم عصية على الإدراك مالم يستعن الإنسان بعقله. ومن الواضح تاريخياً أيضاً أن الأحاديث الواردة عن النبي وعن علي و عن الأئمة طرحت مسائل عميقة عن عالم ماوراء الطبيعة، وكذلك طرحت مسائل اجتماعية أدّت الى تحريك ساحة الفكر والتحليل، طرح المسائل العقلية مشهود لدى الإمام علي بن أبي طالب في خطبه ورسائله ومحاوراته. وليس صحيحاً القول بأن نشأة علم الكلام كانت على يد معبد الجهني وغيلان الدمشقي والجهم بن صفوان. ثم يتعرض الشهيد إلى أن الإيمان بالعقيدة يحتاج إلى بحث وتفكير واستدلال ولا يكفي التقليد.
ويبحث بعد ذلك عن أول مسألة أُثيرت في الساحة الفكرية فيقول: يظهر أن أول مسألة عقائدية طرحت هي مسألة الجبر والاختيار وسبب هذه الأسبقية لهذه المسألة أمران: الاول يرتبط بالإنسان والثاني يرجع إلى الله سبحانه، وطبيعي أن تطرح بعد ذلك مسألة العدل والحسن والقبح الذاتي والمستقلات العقلية، ثم بحث الحكمة جر إلى بحث التوحيد الافعالي ثم الصفاتي.
واختلاف العلماء في البحوث الكلامية توسع كثيراً وجر إلى بحث مسائل فلسفية عديدة كالجواهر والأعراض والتركيب في الأجسام.. وأثّر الكلام والفلسفة على بعضهما البعض، حيث طرح الكلام مسائل جديدة على الفلسفة ووسعت الفلسفة دائرة علم الكلام.
ثم يقسم الشهيد الكلام إلى عقلي ونقلي: مع أن علم الكلام استدلالي لكن مقدماته تختلف، فإن كانت عقلية فهو من القسم الأول، وإن كانت نقلية وقطعية كانت من الثاني، ويصح الاعتماد على النقل في المسائل المتفرعة على النبوة، كالإمامة وبعض مسائل المعاد.

مطهري فيلسوف وصاحب منهج:
قد يقول قائل: إن انتقاء المنهج أمر سهل ميسور لكل أحد.. وهذا صحيح لكن محاكمة المناهج ومناقشتها وإثبات الصحيح منها يدل على التفلسف والقدرة الفكرية العميقة، ولا يقصد بالفيلسوف المبدع والمؤسس، بل يراد به من يستطيع من خلال دراسة الفلسفة أن يستدل على آرائه وفلسفته ويناقش مالا يختاره من الفلسفات ويرد الفرع إلى أصله، فهو يقرأ الفلسفة القديمة اليونانية منها والإسلامية ويقرأ المثالية والمادية والوضعية المنطقية، ثم هو فيلسوف عملي عرض من الفلسفة ما ينفع في جانب العمل والتربية، ولهذا فهو يوجّه فلسفته توجيهاً تربوياً.
وتظهر على شخصية مطهري آثار دراسة الفلسفة والعقيدة، فحين يدرس صفات الله وجلاله وجماله يتملّى عقله بهذه الصورة الكاملة، وحين يدرس فلسفة الأخلاق يزين روحه وشخصيته بالأخلاق السامية، وحين يدرس جوهر الإنسانية يرتفع أفقه فوق الزمان والمكان وكتلة التراب، فهو يرى أن علاقة الفلسفة بالمعنويات أقرب من علاقتها بالطبيعيات، ولهذا علينا أن نثبت أن الفلسفة يمكن لها أن تخلق شخصية كاملة يحتاجها عالمنا اليوم، ولا تضر دراسة الفلسفة بالجوانب الهامة من حياة الإنسان، فالفيلسوف يمكنه أن يكون قائد ثورة، فالخميني والصدر ومطهري (رضي الله عنهم) فلاسفة ولكنهم في الخط الأول من الثورة، ويمكن للفلسفة أن تخدم الفكر والثقافة، وهذه نتاجات الصدر ومطهري في طليعة الكتب التي يتثقف عليها الجيل الرسالي، كما يمكن للفلسفة أن تسلح دارسيها بالقدرة على مواجهة المصاعب الفكرية والشبهات والعقائد والأيدولوجيات الضالة. لا تستطع فتاوى الفقهاء لوحدها الوقوف بوجه التيارات الكافرة، بل دعمتها دراسات المفكرين والفلاسفة الإسلاميين في العراق وإيران مثلاً، كما أن التفلسف لا يعزل الفيلسوف عن الناس بل يضعه في خضم حركة المجتمع. والفلسفة تعين أهلها على دراسة كل الثقافات ومختلف المدارس الفكرية.
ثم إن الفلسفة تعلّم الناس المنهج في دراستهم للوجود وآثاره، ولا يستطيع إنسان أن يستغني عن هذه الدراسة، فكل إنسان يتساءل عن وجوده ووجود الكائنات ووجود الحياة وجود العلل وعلاقة الانسان بالطبيعة.
نستطيع إذن أن نقول أن الفلسفة يجني عليها من يعزلها عن حركة المجتمع وحركة الفكر وحركة التاريخ.. صحيح أن هناك فلسفات لم تؤثر في التاريخ بل ساهمت في رسم صفحات سوداء فيه، ولكن أين تجد شيئاً خالياً من السلبيات بشكل كامل؟
إن الإسلام كما يرى مطهري يدعو إلى التفكير، وهل الفلسفة إلا التفكير؟! والمواضيع التي يرى مطهري أن القرآن يدعو إلى التفكير فيها هي الطبيعة: (قل انظروا ماذا في السماوات والأرض(، والتاريخ: (قد خلت من قبلكم سنن(، وضمير الإنسان والوجدان (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم(.
والإسلام بدأ بالدعوة إلى التوحيد، فهو كما يقول مطهري لا يمكنه إثبات مابدأ به إلا بالتعقل والتفلسف والاستدلال، يقول مطهري إن وظائف الفلسفة ثلاثة:
1- إثبات الوجود للماهيات . 2- شرح الماهيات الموجودة وإيضــاح حقائقهــا. 3- بيان أحكام الوجود وآثاره..
إن البحث عن فلسفة في الحياة وعقيدة عن الوجود مسألة فطرية ذاتية لا يندفع إليها الإنسان بالتربية، فهي تشبه ميل الشباب إلى الزواج واندفاع الإنسان إلى الحياة الاجتماعية، والذاتي عند المناطقة لا يعلل، ومن يمنع الفلسفة يمنع تكامل الوجود الإنساني.
وقد يسأل سائل عن انحرافين للفلسفة القديمة والحديثة فيقول: إن الفلسفة تنتهي بالفلاسفة إلى المثالية وأحياناً تنتهي بهم إلى الإيمان بالواقع المادي فقط بينما عالم المادة لا يقوم بنفسه ولا يعتمد على ذاته..
والجواب على ذلك بالشكل الإجمالي أن الفلسفة تفكير، والتفكير لابد فيه من ضبط وسائل التفكير ومناهجه ومقدماته، والمثالي كما ندعي أخطأ في تطبيق هذه القواعد وكذلك المادي قصّر في اختيار المنهج الصحيح.
وهل يحقّ لنا أن نمنع دراسة الطب لأن كثيراً من المعلومات التي تدرس في هذا العلم ثبت خطأها وتأثيرها السلبي على صحة البشر..
الفلسفة استجابة لغريزة واندفاع فطري هو حب المعرفة، فقد أنتجت هذه الغريزة كل المعارف التي امتاز بها الإنسان على كل المخلوقات بما فيهم الملائكة.
والفلسفة عند مطهري ترتفع بالإنسان إلى الأفق السامي الذي أراده الله له، فهو أرفع من الحيوان الذي يكتفي بالصور المحسوسة وبغرائزه التي فطر عليها ليدبر أمره، الحيوان علمه سطحي وظاهري، وجزئي فردي، ومحدود في المكان والزمان، بينما العلم الإنساني عميق وكلي وفوق الزمان والمكان.
والعقيدة والفلسفة عند مطهري تُشيع في النفس أجواء المحبة والمودة والولاء لكل الموجودات لما يشعر به الفيلسوف من انسجام مع هذا الكون.
والعقيدة والفلسفة عند مطهري هي مقدمة لكل أيديولوجية وتشريع وقانون، لأن الإيديولوجية ثمرة الرؤية والتصور والمفهوم الكامل عن الكون والحياة .
ومطهري درس عن فلسفة التاريخ ففسر مجراه ودرس قوانينه وتطوراته وناقش تصورات الماركسية وغيرها.
كما درس فلسفة السياسة والثورة في دراسته حول الثورة الإسلامية، ودرس المجتمع وتركيبته وفلسفته، وكذلك علم النفس بإشارات كلية إلى حقيقة النفس وارتباطها مع الجسم ودورها في المعرفة والإرادة، كما درس الشعور واللاشعور وناقش فرويد في تصوراته عنهما.

خلاصة لمنهجية المطهري في كتابة الفلسفة والمنطق
المناهج الفلسفية أربعة:
1ـ الحكمة البرهانية وهي تعتمد على البرهان والقياس وباقي طرق الاستدلال.
2- الحكمة الذوقية وهي تعتمدعلى الذوق والالهام والإشراق لذا فهي أكثر ارتباطاً بالقلب والباطن.
3- الحكمة التجريبية وتعتمد على الحس والتجربة.
4- الحكمة الجدلية المعتمدة على الاستدلال بالمشهورات والمقبولات.
ويقول مطهري إن الفلاسفة يعتقدون بأفضلية البرهان على باقي الطرق.. ولهذا خرجت الطريقة الكلامية على يد الفيلسوف نصير الدين الطوسي بشكل فلسفي (برهاني وإشراقي).
أما الفلسفة التجريبية فإن لها قيمة كبيرة، ولكن فيها نقصان:
1ـ دائرتها محدودة بالمحسوسات ولهذا فهي لا تشبع الغريزة البشرية في المعرفة.
2- المعرفة التجريبية مؤقتة قابلة للتغي،ر والمسائل اليقينية تحتاج إلى تجريد فلسفي أو رياضي ، لهذا كانت قيمة التجربة متزلزلة.

إبداعات المطهري في العقيدة:
عرض مميزات المذاهب العقائدية الإسلامية وناقش المسائل العقائدية كما دخل في مناقشة عميقة مع السطحيين الذين يمنعون التفكير في العقيدة، وتعمّق في فهم نصوص وأحاديث النبي والأئمة في المسائل الكلامية، وربط العقيدة بالتصور الكامل عن الحياة أي بنظرية المعرفة، وعرض فروع ومسائل مترتبة على العقيدة ذات أهمية بالغة، وحدّد موضوع البحث العقائدي بشكل دقيق، وركز على بيان أسباب التعلق بالمادية، وربط بين المادية العقائدية والمادية الأخلاقية.
لم يتدخل في غير مجالات اختصاصه وكتب أوسع كتاب عن العدل الإلهي وعالج فيه مسألة الشبهات حول عدل الله، كما قسم العدل إلى أقسامه وربط العدل الاجتماعي بالعدل الإلهي، وربط مسألة الحرية والاختيار بمسألة الإيمان بالعدل الإلهي.
أبدع المطهري في بحث المعجزة حيث ذكر أنها الدليل والآية على كمال شخصية صاحبها وارتباطه بعالم الغيب والعلل الواقعية.
أبدع في الرد على هيوم في إشكاله المعروف على برهان النظم، وكذلك على أوغست كانط وراسل وهيجل.

إبداعات المطهري في الفلسفة:
عرض نظرية المعرفة بشكل ممتاز وحدّد مصادر المعرفة.
نقد النظريات غير العقلية وحدّد المقياس في التمييز بين الحق والباطل.
قوّم المذهب التجريبي ونقده وبيّن علاقة الفلسفة بالمنطق.
استخدم المقارنة بين النظريات المختلفة الحديثة والقديمة في المعرفة.
بيّن علاقة الفلسفة بالعرفان والعقيدة.
استخدم المنهجية في عرض الموضوعات الفلسفية.
استخدم طريقتين للعرض الفلسفي ميسورة وعميقة.
استخدم طرق عديدة للتوضيح والشرح.
تعرّض إلى مسائل عقلية وفلسفية وطبيعية مغفول عنها أو غير مفصلة في الفلسفة.. كمسألة التضاد.
عرض بعض آراء صدر الدين الشيرازي وفرّع جملة مسائل هامة عليها كأصالة الوجود وتجرد النفس والإدراك.
أثبت أن الفسلفة الحديثة لا تستطيع تفسير المعرفة والإدراك من غير أن ترجع إلى المعقولات الثانية الفلسفية، وفصل ذلك ضمن رده على هيجل وهيوم وكانت والماديين.

مصادره الثقافية:
1ـ القرآن الكريم وتفسيره، وهو يرجع في تفسير القرآن إلى القرآن.
2- الكتب اللغوية والأدبية – عربية وفارسية.
3- نهج البلاغة وشروحه.
4- كتب التاريخ والسيرة.
5- كتب الحديث والروايات.
6- كتب الفلسفة القديمة والحديثة والعرفان.
7- كتب علم النفس والاجتماع والتربية.
8- القصص والروايات مثل (اميل) لجان جاك رسو.
9- كتب عن العلوم الحديثة.
10- كتب أصول الفقه.
11- كتب علم الكلام.
12- كتب المادية والديالكتيك.
13- كتب سياسية واقتصادية مختلفة.
14- كتب المناهج المختلفة.

الشخصيات التي ناقشها مطهري:
ابن سينا، أرسطو، أفلاطون، انجلز، برتراند راسل، بيرون، البروجردي، تقي اراني، ديكارت، ديمقراطيس، دارون رسو، جيمس، الخميني، سارتر، السبزواري، صدر المتألهين ، سقراط، ستالين، فويرباخ، فرويد، فيخته، هيجل، الطباطبائي، نيتشه، ماركس.

مؤلفاته الفلسفية والعقائدية: (8)
أـ المؤلفات الفلسفية:
1ـ مقدمة وتعليق على كتاب أصول الفلسفة، في خمسة أجزاء.
2- المعرفة، غير مترجم.
3- الشرح المفصل لمنظومة السبزواري، غير مترجم صدر منه أربعة أجزاء.
4- الشرح الميسور لمنظومة السبزواري، مترجم وهو جزءان.
5- فلسفة التاريخ، غير مترجم.
6- ماركس والماركسية، غير مترجم.
7- نقد الماركسية، غير مترجم.
8- أصل التضاد في الفلسفة الإسلامية، غير مترجم.
9- الزمان، غير مترجم.
10- فلسفة الأخلاق، غير مترجم.
11- المقالات الفلسفية، صدر منه ثلاثة أجزاء، غير مترجم.
12- تاريخ الفلسفة في الإسلام، غير مترجم.
13- التاريخ والفلسفة، غير مترجم.
14- منابع البحث في فلسفة صدر المتألهين، غير مترجم.
15- المسائل العامة في الفلسفة والمنطق.
ب – المؤلفات العقائدية:
1ـ العدل الإلهي.
2- مقدمة وتعليق على الجزء الخامس من أصول الفلسفة.
ـ مقدمة على الرؤية الكونية في الكتب التالية:
3- الإنسان والإيمان.
4- المفهوم الكوني.
5- الوحي والنبوة.
6- الإنسان في القرآن.
7- المجتمع والتاريخ.
8- الحياة الخالدة أو الحياة الأخرى.
9- الإمامة والقيادة.
10- الكلام والعرفان.
11- الولاء والولاية.
12- النبي الأمي.


الهوامش:

* - عالم وباحث عراقي.
1 - اختصرنا البحث ليتناسب مع حجم المجلة، وأجرينا عليه بعض التعديلات في الأسلوب (التحرير).
2 - الاشارات، النمط الرابع.
3 - الوحي والنبوة، المطهري، ص 9 - 11.
4 - الحياة الأخرى ص 6 – 7.
5 - العدل الإلهي ، ص 207.
6 - نفس المصدر والصفحة.
7 - انظر كتاب/ المعاد أو الحياة الاخرى، وكتاب/ العدل الالهي.
8 - بعض ماذكره الكاتب بأنه غير مترجم، قد تُرجم.
??
??
??
العلامة المطهري في آرائه الفلسفية والعقائدية
ثقافتنا للدراسات والبحوث / المجلد 2 / العدد السادس - 1426 / 2005 حسن النوري
208
159

مقالات أخرى من هذا الموضوع
• الشيخ ميثم البحراني رمز من رموز التراث والتواصل الحضاري   (بازدید: 1930)   (نویسنده: محمّد علي آذرشب)
• الشيخ ميثم البحراني على خلفية أوضاع عصره   (بازدید: 1640)   (نویسنده: الشيخ ماجد الماجد)
• الشيخ ميثم البحراني.. يخترق العصر   (بازدید: 1430)   (نویسنده: الدكتور صباح زنكنه)
• العلامة ابن ميثم البحراني موجز حياته العلمية   (بازدید: 1593)   (نویسنده: زهراء مصباح)
• ميثم البحراني حياته ودوره في دعم الحركة العلمية في البحرين   (بازدید: 2797)   (نویسنده: الشيخ حميد مباركة)
• ابن ميثم البحراني وعصره   (بازدید: 1085)   (نویسنده: الشيخ محمود محمدي عراقي)
• الكواكبي والدين   (بازدید: 1136)   (نویسنده: أسعد السحمراني)
• رمز من رموز التراث والتواصل الحضاري   (بازدید: 1229)   (نویسنده: الشيخ ميثم البحراني)
• كيف ينبغي النظر إلى ظاهرة الشيخ ميثم البحراني؟   (بازدید: 1321)   (نویسنده: محمد جابر الانصاري)
• مجدّد العصر   (بازدید: 754)   (نویسنده: إبراهيم محمد جواد)
• ملامح من شخصية العالم المفكر الشيخ ميثم البحراني   (بازدید: 1663)   (نویسنده: السيد محمد بحر العلوم)
• الملف / رجل الإحياء والاستئناف الحضاري   (بازدید: 941)   (نویسنده: مرتضى مطهري)
• احمد صدقي الدجاني رجل الفكر الحضاري   (بازدید: 1594)   (نویسنده: محمّد علي آذرشب)
• الشيخ محيي الدين بن عربي و أثره الحضاري في حوض المتوسط   (بازدید: 1189)   (نویسنده: محمد قجة)
• العلامة محمد تقي القمي رائد للتقريب والنهضة الإسلامية   (بازدید: 2852)   (نویسنده: محمّد علي آذرشب)
• رائد الدراسات الفارسية في مصر   (بازدید: 987)   (نویسنده: الدكتور صادق خورشا)
• شيخ الإشراق شهاب الدين السهروردي الحلبي   (بازدید: 2526)   (نویسنده: محمّد علي آذرشب)
• ملف مالك بن نبي   (بازدید: 1273)   (نویسنده: محمّد علي آذرشب)
• الاتجاه النقدي عند الشهرستاني   (بازدید: 1894)   (نویسنده: د. محمد حسيني أبو سعدة)
• شيخ الإشراق   (بازدید: 1697)   (نویسنده: سيد حسين نصر)

التعليقات
الاسم:
البريد الالکتروني:
العنوان:
التعليق:
ثبت
[ Web design by Abadis ]